مقدمة

رابط تنزيل الكتاب 

مقدمة

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على خيرِ الأنام أسوةِ المسلمين, وعلى آله وأصحابه وتابعيه بإحسانٍ إلى يوم الدين ثم أمّا بعد.

كلما تجولتُ في شوارعنا, ورأيتُ حالَ أشبالنا اليوم, تجرعتُ المرارةَ وضاقَ صدري حزنا على البوْنِ الشاسع بين ما هم عليه وما كان ينبغي أن يكونوا عليه, فتزيدُ قناعتي بفداحة المرض ونجاعة الدواء في آن. فنحن أمامَ أمةٍ تهوي منذ عام 1492 م, تاريخ سقوط غرناطة آخر بلاد الإسلام في الأندلس.  وسقوطُ الأممِ عمليةٌ تراكميةٌ لأنها وليدةَ تراكماتٍ تاريخيةٍ تتوارثُها الأجيال. وهذه التراكماتُ تزيدُ وتنقصُ بحسبِ رصيدِ المجتمعِ من ثقافةِ الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكر.

ولقد عكستْ بعض الأعمال السينمائية في النصف الأول من القرن العشرين, كيف استحلتْ الكتلةُ الغالبةُ من المسلمين الحرامَ من رباً وقمار وسُحتٍ واحتيال وغِش. بل عكستْ لنا أيضا ذبولَ أساسياتِ الإسلام في نفوس أتباعِهِ حتى أن العامة لم يكونوا لِيُحسنوا قولةَ " لا حول ولا قوة إلا بالله" وكانوا يستبدلونها بعبارة "لا حول الله"؛ نافين بلا النافية للجنس ما بعدها من حول الله! ولقد توارثتْ الأجيالُ التي لم تشغل نفسها بمصادر الثقافة الإسلامية؛ من قرآنٍ وسنةٍ وسيرةٍ نبوية, تلك الهشاشة, حتى وصلتْ إلينا. ولا جَرَمَ أن هذه الأمراض التي عَصَفَتْ بالمجتمع إنما هي إرثٌ من عصورٍ سابقةٍ قد تَرجِعُ إلى عهدٍ بعيدٍ هو عهد المماليك البرجية. والقارئ لكتابيِّ "بدائعُ الزهور فى وقائع الدهور"  للمؤرخ المصرى محمد ابن إياس الحنفى القاهرى ( 1523 - 1448 ) و "الوافي بالوفيات" للصفدي ( 1363 - 1297 )  يقفُ على وقائعٍ صادمةٍ ومخزيةٍ تشيبُ لها الولدان قد ضربت المجتمعَ في مقتل, وليس المجال مجال تفصيلهافقد تفشّى الحرامُ واستحلّه العامةُ وقنَّنوه, فتناسلت أجيالٌ لم تُنزل الإسلام حيِّزَ التطبيقِ في شِقِّهِ الشرائعي, وجعلوه فقط حبيسَ شِقِّهِ الشعائري, الأمر الذي يُعرفُ بالعلمانية. ومنذ ذلك الحين, أمسى الإسلام في نفوس أتباعه باهتا لا لون له ولا طعم ولا رائحة. لذا رأيتُ أن أذكِّرَ أشبالنا في هذا القصص بقدوتهم r, وأفتحُ لهم نافذةً على مصدرٍ ماتعٍ من مصادر الثقافة الإسلامية, يَدفعُ ما دونَهُ من مصادرٍ ثقافيةٍ رثةٍ.

وحدث بينما أراجعُ هذه المقدمةَ, أن ضربت مصرَ موجةٌ عاتيةٌ دفعت شبابَها للانتحار!! الأمر الذي أدمى فؤادي فلم أكن لأُغفله. شبابٌ وشابّاتٌ في عمر الزهور ينتحرون كل يوم, كل يوم!! يا الله! لقد كان أبطالُ الإسلام الأوائل في مثل أعمارهم, يفتحون البلدان. ألم تروا محمدا بن القاسم الثَقَفَي وهو على فرسه يفتحُ بلادَ السند؟



محمد بن القاسم ابن السابعة عشرة على فرسه يفتح بلاد السند (أفغانستان)

أَمَا قرأ شبابُنا عن صقرِ قريشَ الذي أسسَ دولةَ الخلافة الأموية في إسبانيا وهو ابن 25 خمسةٍ وعشرين عاما؟ أم تراهم ما سمعوا عن محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية وهو ابن 21 واحدٍ وعشرين عاما؟ لقد كان محمدُ الفاتحُ مَحَطَّ إنزال حديث النبي r بفتح إستانبول حيزَ التنفيذ عام 1453 م.

أيها الآباء, أيتها الأمهات, لا تُضَيِّعوا أولادكم, فكفى بالمرء إثما أن يضيِّعَ من يعول. شابٌ يلقي بنفسه من أعلى برج القاهرة, وأخرون يلقون بأنفسهم تحت عجلات القطارات أو يشنقون أنفسهم. كيف تركتم أبناءكم يتخطون العشرين من العمر بلا تأسيس؟ ماذا وكيف كنتم تعلمونهم خلال تلك الفترة؟

لقد كان لمحمدٍ بن القاسم وصقر قريش ومحمد الفاتح برامجٌ لِغَدِهِم, فكانوا ينتظرونه باشتياق. كان لدى كلٍّ منهم رسالةٌ "يريد أن يعيش" لأجلها. فماذا حدث عندما وُلِدتْ أجيالٌ بلا برنامج ولا رسالة؟

لم يترب أشبالُنا على مصادرِ الثقافةِ الصحيحة من قرآنٍ وسنةٍ وسيرةٍ فنشؤوا عديمي المناعة... لقد أسقط شبابُنا قدوةَ النبي r واستبدلوها بقدوةِ ممثلٍ ماجنٍ أو مطربٍ مائعٍ – وليس كلُّ الفنِّ مذموما -, وهو كل ما يريده أعداء الإسلام. فالأمةُ الجاهلةُ أسلسُ في القِياد, لأن الجاهلَ لا عاقلَ له, فيَسهُلَ توجيهُهُ توجيهَ القطيع من الغنم. وأقوى عاقل هو عاقلُ الدين, لأن له على الإنسانِ المتدينِ سلطةَ السمع والطاعة. لذا يحاولُ أعداءُ الإسلامِ بلا كللٍ, أن يَحُولوا بيننا وبين نبينا, فكنا أطوعَ في أيديهم من العجين بيد الخباز.

 

واليوم, وقد ألقتْ بنا ريحُ العلمانية في هُوَّةٍ سحيقةٍ قتلت نخوةَ شبابِنا وهمَّشتهم, وغيَّبتهم عن دورهم الحضاري المنوط بهم, فلابد لنا من عمليةِ إحلالٍ وتبديل لثقافتنا المشوَّهة. والسيرةُ النبويةُ المطهرةُ تزخرُ بمزيج باهيٍ من الدرر التربوية والتوجيهية, فيها لَألاءٌ للإنسان في مختلف مراحله العمرية وأحواله الحياتية. وقد انتخبتُ منها في هذا الكتيب مما جيَّشَ عواطفي وأجرى مدامعي عدةَ مواقفٍ فيها رسائل بِنيوية لأشبالنا على الصُعُد الروحية والأخلاقية والعقدية, راجيا من الله تعالى قصدَ السبيل ومستودعا إياه جلَّ وعلا نيتي.

 

 

أسئلة بعد كل قصة:

ü     ماذا تعلمتَ من القصة؟

ü     ما رأيك في الصحابي بطل القصة؟

 

تعليقات