6. عِفريتٌ في بيتي.
كان في المدينةِ المنورةِ شيخٌ من سادةِ الكفارِ يُدعى عمرو بن الجموح. وكان له صنمٌ كبيرٌ يضعُهُ في بيتِهِ ويتعبَّدُ إليه كلَّ يوم.
وكان لعمرو بن الجموح ابنٌ ذكيٌ يُدعى معاذ بن عمرو بن الجموح. لم يكنْ معاذ يُعجبُهُ كفرُ أبيهِ ولا تأليهُهُ1 لصنمه, فقد كان يخافُ عليه عذابَ جهنمَ ولا يرضَى له عِيشةَ الكفرِ. يريدُه أن ينعمَ في حياته بالإسلام, لأنه النظامُ الحياتيُّ المتكاملُ المنزَّلُ من اللهِ تعالى ليحققَ للإنسان السعادةَ في الدنيا وفي الآخرة.
ذهبَ معاذُ إلى صاحبِهِ معاذ بن جبل, وحكى له قصةَ صنمِ أبيه وحُزنَهُ الشديدَ مما يفعلُهُ أبوه. وكان معاذُ بن جبل هو الآخرُ شابا ذكيا, فوضعا سويا خطةً محكمةً لإنقاذِ والدِ معاذ من براثنِ2 الكفر. فماذا كانت خطتُهما؟
لقد انتظرا حتى نامَ عمرو بن الجموح, وتسللا فحملا صنمَهُ الكبيرَ سويا وألقياه في حفرةٍ يوجدُ بها عذرُ3 الناس. فلما أصبحَ عمرو ولم يجدْ صنمَهُ صاح غاضبا:
· من سرقَ إلهيَ الليلة؟ ويلٌ لمن فعل هذا.
ثم ذهب يبحثُ عن صنمِهِ حتى وجدَهُ في تلكَ الحفرة القذرة. فأخذَهُ ونظَّفهُ وأعادهُ إلى مكانِهِ من البيت.
وفي الليلةِ التاليةِ كررَ الشابان ما فعلاه بالأمسِ. فلما أصبحَ عمرو ولم يجدْ الصنمَ أصابَهُ الرعبُ وظنَّ أنَّ هناك عفريتٌ في البيت. ثم ذهب وبحث عن صنمِهِ فوجدهُ في نفسِ الحفرة. فأخذهُ ونظَّفهُ وأعاده إلى مكانِه, ثم علّقَ في رقبةِ الصنمِ سيفا وقال له:
· أنا لا أعلمُ مَنْ يصنعُ بك ذلك. فإذا جاءَكَ مرةً أخرى فدافعْ عن نفسِكِ واضربْهُ بهذا السيفِ فأنتَ إله.
ثم ذهب لينام. فجاء الشابان وأخذا السيفَ من رقبةِ الصنمِ ثم ربطا معه كلبا ميتا ثم ألقياه في ذاتِ الحفرة.
وفي الصباحِ لم يجدْ عمرو صنمَهُ . فذهبَ على الفورِ إلى الحفرةِ فوجدَهُ ملقىً مع الوسخِ مربوطٌ به كلبٌ ميت. ففكرَ قليلا ثم قال له:
· لا يمكنُ أن تكونَ إلها, لو كنتَ إلها حقا لَمَا صِرْتَ أنت وكلبٌ ميتٌ في حفرةٍ قذرةٍ معا.
-----------------------------------
لقد نَجَحَتْ الخطةُ لأنها جعلتْ عمرو بن الجموح يستخدمُ عقلَهُ ويفكرُ بطريقةٍ صحيحةٍ قادَتْهُ إلى الإسلام.
هل تستطيعُ أن تضعَ خطةً ذكيةً تنقذُ بها أصدقاءَك ممن يفعلون بعضَ المعاصي التي تغضبُ الله تعالى دون أن تخسرهم؟
==========================
1 جعله إلاها.
2 مخالب.
3 البراز أو الغائط.
تعليقات
إرسال تعليق